الجدالات والنِّظارات والخلافات والاختلافات تؤكد لأصحاب الطول عمق العلوم واتساعها ، ولا مجال لأنْ يأخذ عالمٌ بعلم ما كُرسيَّ الرياسة في هذا العلم دون غيره ؛ إذ العلوم متفاوتة والمكتسبون إياها كذلك ، والعلم في ذاته حمّالٌ أوجهًا غريبها ومألوفها ، والقطع بجهل فلان أو عنديته في العلم أو تبحره فيه لا يكون إلا بقواعد لا يمسها إلا المتفقون ، ومن وراء القاعدة فسحة البحث عما يعضدها أو يخالفها أو يرمي بها . وعند عوامّنا - ممن لم يوفقوا إلى المدارس باختلافها ؛ فطالهم حظ وافرٌ من أمية التعليم - معاجمُ فطرية توارثوها لم يجدها أصحاب المدارس في مدارسهم التي ارتادوها ، ولا في كتبهم التي انقطعوا إليها ليالي وأيامًا ؛ وإذن فلا يُرمى بالجهل أحدٌ قبل تحققٍ ، أليس للزنا أربعةٌ شُهودٌ قبل الرجم ، وللقاضي حيثيات حكمه ، وأدلة قضائه ، وشهود عدله ؟! وتأمّل كيف وقع أحدُ النحاة فريسة لأحد الذين لم يعرفوا النحو إلا سليقة : قال عمرٌو الكلبيُّ وقد أنشدَ بعضَ أهل الأدب : بَانَتْ نُعَيْمَةُ وَالدُّنْيَا مُفَرِّقَةٌ وَحَالُ مَنْ دُونَهَا غَيْرَانُ مَزْعُوجُ loading... فَقِيلَ له : لا يُقا