من أنت يا نفسي .. شرح كامل

نص (من أنتِ يا نفسي ؟)        أ. أحمد مسلم إبراهيم

الشاعر :
ميخائيل نُعيمة ، من (لبنان) ، شاعر وقاصٌّ ومسرحيٌّ وناقدٌ وكاتبُ مقالٍ وفيلسوفٌ ، ألف أكثر من عشرين كتاباً ، أبرزها كتاب (الغربال) الذي حاول فيه أن يضع أصولاً جديدة للنقد الأدبي . له مجموعة وحيدة مكتوبة باللغة الإنجليزية ، اسمها (همس الجفون) وقد عرّبها (محمد الصايغ) .
النص :
 [1]- النفس والبحر ..
1. إنْ رأيْتِ البحرَ يطغى فيه الموجُ ويـثورْ
2. أو سمعتِ البحرَ يبكي عندَ أقدامِ الصخورْ
3. ترقبي الموجَ إلى أن يحبسَ الموجُ هديرَهْ
4. وتناجي البحرَ حتى يسمـعَ البحرُ زفيرَهْ
5. راجعًا منكِ إليْهْ
6. هلْ منَ الأمواجِ جئتِ ؟
يطغى يفيض ، يجاوز الحد X يعتدل ، ينحسر ، يغيض
يثور يهيج X يهدأ ، يسكن .
أقدام أسفل ، تحت X رءوس .
ترقبي تنظري ، تلاحظي X تغفلي .
يحبس يمنع ، يحجز X يطلق .
هدير صوت الموج .
تناجي تُحَدِّثي سرًا X تجهري .
حتى معناها هنا (إلى أنْ) ؛ لأنها تفيد الغاية .
زفيره إخراج النفس ، المراد (صوته) X شهيق .
راجعًا عائدًا X ذاهبًا .
جئت أتيت ، المراد (خلقت) X رجعتِ .

 [2]- النفس والرعد ..
7. إنْ سمعتِ الرعدَ يَدْوي بينَ طيَّاتِ الغَمامْ
8. أو رأيتِ البرقَ يَفري سيفُهُ جيشَ الظلامْ
9. ترصُدي البرقَ إلى أن تَخطَفي منهُ لظاهْ
10. ويَكُفَّ الرعدُ لكنْ تاركًـا فيكِ صداهْ
11. هل من البرقِ انفصلتِ ؟
12. أمْ معَ الرعْدِ انحدَرْتِ ؟

الرعد صوت يصحب البرق ، ج (الرعود) .
يدوي يعلو صوته X يخفت .
طيات تراكُم ، طبقات ، والمراد (داخل) X خارج
الغمام السحاب ، المفرد (الغمامة) .
البرق وميض ولمعان السحاب ، ج (البروق) .
يفري يشق ، يفتت ، يقطع X يتكسر .
سيفه المراد (وميضه) ، ج (سيوف ، أسياف) .
جيش الظلام المراد : الليل شديد الظلمة .
ترصدي ترقبي  ، تلاحظي X تغفلي .
تخطفي تأخذي ، تنزعي X تتركي .
لظاه لهب النار لا دخان فيه ، المراد (نوره) .
يكف يتوقف ، يمتنع X يتمادى ، يستمر .
تاركًا مبقيًا X آخذًا .
صداه رجع صوته وتردده ، ج (أصداء) .
انفصلت انقطعت X اتصلت .
انحدرت نزلت ، هبطت X علوت ، ارتفعت .


 [3]- النفس والريح ..
13. إنْ رأيتِ الريحَ تُذري الثلجَ عن رُوس الجبالْ
14. أو سمعتِ الريحَ تعوي في الدُجى بين التلالْ
15. تسكنِ الريحُ وتبقى باشتياق صاغية
16. وأناديكِ ولكنْ أنتِ عنّي قاصية
17. في مُحيطٍ لا أراه
18. هل من الريح ولدتِ ؟
الريح هواء سريع متحرك ، ج(رياح، أرياح، أرواح)
تذري تفرق ، تطيِّر X تجمِّع ، تلملم .
الثلج الماء المتجمد ، ج(ثلوج) .
روس قمم ، أعالي ، المفرد (رأس) X سفح .
الجبال المرتفعات X السهول .
تعوي تصيح كالذئب ، المراد (تصفِّر) .
الدجى سواد الليل وظلمته ، المفرد (الدُّجْيَة) X الأنوار
تسكن تهدأ X تثور ، تهيج .
صاغية تميل بأذنها لتسمع ، منصتة X منصرفة .
أناديك أدعوك .
قاصية بعيدة ، متنحية ، ج(قواصٍ)  X قريبة ، دانية .
محيط مكان ، وسط ، ج(محيطات) X محاط .
ولدت خرجت ، المراد (خلقت) X مُتِّ .
 [4]- النفس والفجر ..
19. إنْ رأيتِ الفجرَ يمشي خِلْسةً بين النجوم
20. ويوشّي جُبّة الليل المُوَلِّي بالرسوم
21. يسمعِ الفجرُ ابتهالًا صاعدًا منكِ إليْه
22. وتخرّي كنبيٍ هبط الوحيُ عليْه
23. بخشوع جاثية
24. هل من الفجر انبثقتِ ؟
خلسة خفية ، متسلل ، ج (خُلَس) X جهر ، علانية .
يوشي يزين ، يزخرف ، ينمِّق X يقبح ، يشوِّه .
جبة ثوب واسع ، ج(جُبَب ، جِباب ، جبائب) .
المُولِّي المُدْبِر ، الراحل ، المنقضي X المقبل .
الرسوم الأشكال والظلال والخيالات ، المفرد (رسم) .
ابتهالًا تضرعًا واجتهادًا في الدعاء  .
صاعدًا مرتفعًا ، ج (صُعَّد ، صَعَدة ، صعود ، صواعد)
تخري تسقطي ، المراد (تسجدي) X تنتصبي ، تقومي
الوحي الجمع (الوُحِيّ) .
خشوع خضوع ، تضرع ، انقياد X تكبر ، زهو .
جاثية جالسة على الركبتين X واقفة ، ج(جواثٍ) .
انبثقت تدفقت ، خرجت ، اندفعت X دخلت ، فنيتِ .

[5]- النفس والشمس ..
25. إن رأيتِ الشمس في حِضن المياه الزاخرةْ
26. ترمقُ الأرض وما فيها بعين ساحرةْ
27. تهجعِ الشمس ، وقلبي يشتهي لو تهجعينْ
28. وتنام الأرض لكن أنت يقظى ترقبينْ
29. مضَجعَ الشمس البعيدْ
30. هل من الشمس هبطتِ ؟
حِضن ناحية ، جانب ، المراد (معانِقة) ، ج(أحضان)
الزاخرة الفياضة ، الكثيرة ، ج (الزواخر) X الجافة .
ترمق تطيل النظر ، ترقب ، تتأمل .
أرض الجمع (أراض ، أرَضون ، أرْضون ، أروض) .
ساحرة جذابة ، فاتنة ، ج (سواحر) X مُنفرة .
تهجع تنام ، ترقد ، المراد (تغيب)  Xتصحو ، تأرق .
يشتهي يرغب بشدة ، يميل X ينفر ، يكره .
يقظى منتبهة ، المذكر (يقظان) ، ج(يقاظى) X غافلة
مضجع منام ، موضع النوم ،  ج(مضاجع) .
البعيد الجمع (بعدان ، بعداء ، بُعُد ، بِعاد) .
 [6]- النفس والبلبل الصدّاح ..
31. إن سمعتِ البلبلَ الصداحَ بين اليَاسَمِينْ
32. يسكب الألحان نارًا في قلوب العاشقينْ
33. تلتظي حزنًا وشوقًا ، والهوى عنك بعيدْ
34. فأخبريني : هل غِنا البلبل في الليل يُعيد
35. ذكرَ ماضيكِ إليْك ؟
36. هل من الألحان أنتِ ؟
الصداح المطرب بالصوت المرتفع .
الياسمين نوع من الأزهار .
يسكب الألحان يصبها ، والمراد (يوالي تقديمها) X يحبس ، يمنع ، والألحان : (الأنغام) .
تلتظي تلتهبي ، تحترقي X تسلمي .
الهوى العشق ، الحب ، ج (الأهواء) X الكراهية .
غنا الغناء ، ج (الغناءات ، الغنايات) .
يعيد يُرجع  X يأخذ .
ذكر تذكر ، استحضار ، ج(أذكار ، ذكور) X نسيان
ماضيك زمنك الفائت ، ج (مواضٍ) X مستقبل .

 [7]- حقيقة النفس..
37. إيهِ نفسي ! أنتِ لحنٌ فِيَّ قدْ رنَّ صداهْ
38. وقّعتْكِ يدُ خلّاقٍ بديعٍ لا أراهْ
39. أنتِ ريحٌ ونسيمٌ ، أنتِ موجٌ ، أنت بحرُ
40. أنتِ برقٌ ، أنتِ رعدٌ ، أنتِ ليلٌ ، أنتِ فجرُ
41. أنتِ فيضٌ من إله
إيه نفسي هاتي ما لديك ، و(إيهِ) اسم فعل أمر معناه : زِدْ من الحديث أو العمل المعهود .
رنّ صاح ، المراد (علا ، ارتفع) X خفت .
وقعتك كتبتك وعزفتك ، المراد (خلقتك ، أبدعتك) .
خلّاق اسم من أسماء الله الحسنى ، ومعناه : الخالق خَلْقًا بعد خَلْق ، أو الذي من شأنه أن يَخلُق إلى آخر الدَّهر  .
بديع مبدع ، متقن X مُشوِّه .
نسيم هواء رقيق ، ج (نِسام ، أنسام ، نسائم) .
فيض عطاء غزير ، ج(فيوض) X غيض .


بلاغة النص :
الأساليب الخبرية للتقرير ، ومنها :
- أسلوب الشرط (إنْ ...) الذي تكرر للتوكيد .
- أسلوب التوكيد (قد رنّ صداه) وسيلته (قد) .
- أسلوب القصر  للتوكيد والتخصيص : بتقديم الجار والمجرور في : (هل من الأمواج جئت  ، تخطفي منه لظاه ، تاركًا فيك صداه ، هل من البرق انفصلت ،  أنت عني قاصية ، هل من الريح ولدت ، هل من الفجر انبثقت ، هل من الشمس هبطتِ ، هل من الألحان أنت) ..
وتقديم الظرف في (أم مع الرعد انحدرت)  .
جاءت الأساليب الإنشائية متمثلة في :
- الاستفهام : (هل من الأمواج جئت ؟) ، (هل من البرق انفصلت ؟) ، (هل من الريح ولدت ؟) ، (هل من الفجر انبثقتِ ؟) (هل من الشمس هبطت ؟) ، (هل من الألحان أنت ؟) وغرضهم إظهار الحيرة .
(هل غِنا البلبل في الليل ... ؟ ) وغرضه الدهشة .
- الأمر (فأخبريني) للالتماس والتمني ، والفاء للتعقيب والترتيب والسرعة ، والأمر باسم الفعل (إيهِ) للتمني .
- النداء في (نفسي) للتنبيه والتعظيم .
المحسنات البديعية جاءت قليلة طبيعية لا تكلف فيها :
- مراعاة النظير : لإثارة الذهن .
البحر ، الموج سمعت ، الرعد
الرعد ، البرق رأيت ، البرق
جيش ، سيفه نبي ، الوحي
- الطباق : لتوضيح المعنى وتوكيده .
منك ، إليه البرق ، الظلام تعوي ، تسكن
رأيت ، خلسة صاعدًا ، هبط تنام ، يقظى
ريح ، نسيم ليل ، فجر
- الجناس الناقص : له جرس موسيقي تطرب له الأذن .
صاغية ، قاصية النجوم ، الرسوم
إليه ، عليه

- حسن التقسيم : له جرس موسيقي تطرب له الأذن .
يحبس الموج هديره ، يسمع البحر زفيره
رأيت الريح تذري ، سمعت الريح تعوي
أنت موج ، أنت بحر ، أنت برق ، أنت رعد ...
الإطناب : للتوكيد والتوضيح .
بالترادف  (يطغى ، يثور) ،  (تخري ، جاثية)
بالتفصيل  هبط الوحيُ عليه .
الإيجاز بالحذف :
وُلِدْتِ حذف الفاعل ؛ لأن الشاعر جاهل به .
غِنا حذف الهمزة للتخفيف ، والأصل : غناء
نفسي حذف أداة النداء للقرب ، والأصل : يا نفسي
تعدد العطف (إن رأيت ... أو سمعت) يدل على تنوع مصادر إدراك حقيقة النفس .
المجاز المرسل : سر جماله الإيجاز والدقة في اختيار العلاقة .
- (الأرض) : عن الناس ، علاقته المحلية .
- (يد) : عن قدرة الله ، علاقته السببية .
الاستعارة التصريحية : وسر جمالها التوضيح .
- (زفيره): صور صوت الموج بالزفير ، وتوحي بالمعاناة.
- (سيفه) : صور وميض البرق بالسيف ، وتوحي بالقوة .
- (روس) : صور القمم بالرءوس ، وتوحي بالارتفاع .
- (جُبّة) : صور الظلام بالجبة ، وتوحي بالاتساع .
التشبيه :
- (جيش الظلام) : بليغ ، للظلام بالجيش ، سر جماله التوضيح ، ويوحي بانتشار الظلام وشدته .
- (وتخري كنبي هبط الوحي عليه) : تمثيلي ، للنفس بنبي ، سر جماله التشخيص ، ويوحي بالخشوع والتضرع .
- (الألحان نارًا) : بليغ ، للألحان بالنار ، سر جماله التجسيم ، وتوحي بشدة تأثير الألحان .
- (أنت لحن) : بليغ ، للنفس باللحن ، سر جماله التوضيح ، ويوحي بقيمة النفس وأثرها .
- (أنت ريح ونسيم ، أنت موج ، أنت بحر ، أنت برق ، أنت رعد ، أنت برق ، أنت ليل ، أنت فجر ، أنت فيض) : تشبيهات بليغة ، سر جمالها التجسيم ، وتوحي بعظمة النفس وامتزاجها بالطبيعة .
الكناية : عن صفة ، وسر جمالها الإتيان بالمعنى مصحوبًا بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم .
- (البحر يطغى فيه الموج ويثور) : عن اضطراب البحر .
- (يحبس الموج هديره) : عن هدوء البحر .
- (راجعًا منك إليه) : عن الامتزاج بين النفس والبحر .
- (الريح تذري الثلج) : عن شدة الرياح .
- (تهجع الشمس) : عن مغيب الشمس .
- (بعين ساحرة) : عن الجمال .
- (تلتظي حزنًا وشوقًا) : عن الألم والحنين .
- (وقعتك يد خلاق) : عن عظمة الله جل جلاله .
الاستعارة المكنية :
- (رأيتِ، سمعتِ، جئت، انفصلت، انحدرت، تبقي، ولدت، أناديك، تخرِّي، انبثقت، هبطت، فأخبريني، ماضيك، أنتِ، إيه، وقعتك، ترقبي، تناجي، ترصدي، تخطفي، تهجعين، ترقبين، تلتظي) : صور النفس بإنسان ، للتشخيص .
- (البحر يبكي) : صور البحر بإنسان يبكي ، للتشخيص ، وتوحي بضعف موج البحر أمام الصخور .
- (أقدام الصخور) : صور الصخور بأشخاص لها أقدام ، للتشخيص ، وتوحي بقوة الصخور .
- (يحبس الموج هديره) : صور الموج بشخص يحبس والهدير محبوسًا ، للتشخيص ، توحي بهدوء الموج .
- (تناجي البحر ، يسمع البحر) : صور البحر بإنسان ، للتشخيص ، توحي بالتجاوب بين النفس والبحر .
- (طيات الغمام) : صور الغمام بشيء مادي يُطوَى ويُلَف ، سر جمالها التوضيح ، وتوحي بتراكب السحب .
- (البرق يفري سيفه) : صور البرق بمحارب يحمل سيفًا ، سر جمالها التشخيص ، وتوحي بالقوة .
- (تخطفي منه لظاه) : صور اللظى بشيء مادي يُخطَف ، سر جمالها التجسيم ، وتوحي بتعلق النفس بالبرق .
- (تاركًا فيك صداه) : صور الصدى بشيء مادي يترك ، سر جمالها التجسيم ، وتوحي بأثر الرعد في النفس .
- (من البرق انفصلت .. مع الرعد انحدرت) : صور البرق والرعد شخصين ، وتدل على امتزاج النفس بهما .
- (الريح تعوي) : صور الريح بذئاب تعوي ، سر جمالها التجسيم ، وتوحي بالخوف والوحشة .
- (أنت عني قاصية) : صور النفس بإنسان يبتعد ، سر جمالها التشخيص ، وتوحي بجهل الشاعر حقيقة نفسه .
- (روس الجبال) : صور الجبال أشخاصًا لها روس ، للتشخيص ، وتوحي بالعلو والارتفاع .
- (من الريح ولدت) : صور الريح بامرأة تلد ، سر جمالها التشخيص ، وتوحي بالامتزاج بين النفس والريح .
- (ترمق الأرض بعين ساحرة) : صور الشمس بشخص يرمق بعينه ، سر جمالها التشخيص ، وتوحي بالجمال .
- (الفجر يمشي ، يوشي ، يسمع) : صور الفجر بإنسان يمشي ويوشي ويسمع ، سر جمالها التشخيص .
- (جبة الليل) : صور الليل بشخص يرتدي جبة ، سر جمالها التشخيص ، وتوحي بانتشار الليل واتساع ظلامه
- (الليل المُولِّي) : صور الليل بشخص مولٍّ ، سر جمالها التشخيص ، وتوحي بقرب مجيء الصبح .
- (من الفجر انبثقت) : صور الفجر بعين والنفس بماء يخرج منها ، للتجسيم ، وتوحي بامتزاج النفس والفجر
- (الشمس في حضن المياه) : صور المياه بأم تحضن الشمس ، للتشخيص ، وتوحي بامتزاج الماء والشمس .
- (تهجع الشمس) : صور الشمس بشخص ينام ، سر جمالها التشخيص ، وتوحي بالغروب .
- (قلبي يشتهي) : صور القلب بشخص يشتهي ، سر جمالها التشخيص ، وتوحي بالرغبة الشديدة .
- (تنام الأرض) : صور الأرض بشخص ينام ، سر جمالها التشخيص ، وتوحي بالهدوء .
- (يسكب الألحان) : صور الألحان بماء يسكب ، سر جمالها التجسيم ، وتوحي بغزارة الألحان .
- (الهوى عنك بعيد) : صور الهوى بمكان بعيد ، سر جمالها التجسيم .
- (غنا البلبل في الليل يعيد ذكر ماضيك) : صور ذكر الماضي بشيء مادي يُعاد ، سر جمالها التجسيم ، وتوحي بأثر صوت البلبل الصداح في النفس .
- (وقعتك) : صور النفس باللحن الموقع ، سر جمالها التوضيح ، وتوحي بعظمة النفس وجمال إبداعها .
الصورة المركبة : (يسكب الألحان نارًا) استعارة مكنية صور الألحان بماء يسكب ، وتشبيه للألحان بالنار .
الصورة الممتدة :
- (البحر يبكي ... تناجي البحر .. يسمع البحر) .
- (الفجر يمشي .. يوشي .. يسمع) .
- (الشمس في حضن المياه .. ترمق .. تهجع) .
الخيال الكلي (الصور الكلية) : رسم الشاعر لوحات كلية يعبِّر فيها عن الامتزاج بين النفس وعناصر الطبيعة ، وتجسِّم حيرته التي تملكته في البحث عن حقيقة نفسه :
[1]- الصورة الكلية في المقطع الأول : أجزاؤها (النفس والبحر والموج والصخور) وأطرافها :
- الصوت ، في (سمعت ، هديره ، تناجي ، زفيره)
- اللون ، في (البحر ، الموج ، الصخور)
- الحركة ، في (الموج ، يثور ، راجعًا ، جئت)
[2]- الصورة الكلية في المقطع الثاني : أجزاؤها (النفس والرعد والبرق والغمام والظلام) وأطرافها :
- الصوت ، في (سمعت ، يدوي ، الرعد ، صداه)
- اللون ، في (الغمام ، البرق ، سيفه)
- الحركة ، في (يفري ، ترصدي ، انفصلت انحدرت)
[3]- الصورة الكلية في المقطع الثالث : أجزاؤها (النفس والريح والثلج والجبال والدجى والتلال) وأطرافها :
- الصوت ، في (الريح ، تعوي ، أناديك)
- اللون ، في (الثلج ، الجبال ، الدجى ، التلال)
- الحركة ، في (تذري)
[4]- الصورة الكلية في المقطع الرابع : أجزاؤها (النفس والفجر والنجوم والليل) وأطرافها :
- الصوت ، في (يسمع ، ابتهال)
- اللون ، في (الفجر ، النجوم ، الليل ، الرسوم ، جبة)
- الحركة ، في (تخري ، صاعدًا ، هبط ، انبثقت)
[5]- الصورة الكلية في المقطع الخامس : أجزاؤها (النفس والشمس والمياه والأرض) وأطرافها :
- الصوت ، في (المياه)
- اللون ، في (الشمس ، المياه ، الأرض ، عين)
- الحركة ، في (ترمق ، ترقبين ، هبطت)
[6]- الصورة الكلية في المقطع السادس : أجزاؤها (النفس والبلبل والياسمين والألحان والليل) وأطرافها :
- الصوت ، في (سمعت ، الصداح ، الألحان ، غنا)
- اللون ، في (البلبل ، الياسمين ، نارًا ، الليل)
- الحركة ، في (يسكب ، تلتظي ، يعيد)
وقد وفق الشاعر في كل هذه الصور فقد اجتمعت لها الأجزاء وتآلفت لها الأطراف وعبرت عن الفكرة ونقلت الإحساس .
الألفاظ وإيحاءاتها :
- جمع الشاعر بين الفعلين (رأيت ، سمعت) في مناجاته مع نفسه ؛ ليبين أن قضية حقيقة النفس قد سيطرت عليه وتملكته وشغلت حواسه بشدة .
- الأفعال المضارعة للتجدد والاستمرار .
- استخدام الخطاب لاستحضار الصورة .
- الجموع أفادت الكثرة .
- يطغى ، يثور ، هديره : توحي بعلو الموج وشدته .
- زفيره : توحي بالهدوء وتجاوب النفس مع البحر .
- يبكي : توحي بالضعف والانكسار .
- ترقبي : توحي بطول متابعة النفس للبحر والموج .
- أقدام : توحي بقلة المياه في البحر .
- يدوي : توحي بقوة الصوت ، والأفضل لو ضعّف الواو فقال (يدوِّي) فالتضعيف يزيد القوة ، ولكنه لم يقل ذلك بسبب الوزن .
- يفري : توحي بقوة البرق في مواجهة ظلام الليل .
- لظاه : توحي باللمعان والبريق .
- صداه : توحي بقوة الرعد وتردد أثره في النفس .
- تعوي : توحي بالخوف والفزع والوحشة .
- الدجى : توحي بانتشار الظلام .
- خلسة : توحي بتأني الفجر وتمهله وكأنه لا يُرى .
- يوشي : توحي بجمال الفجر وتأثيره في الكون .
- ابتهال ، تخري ، نبي ، الوحي ، خشوع : توحي بالقداسة والطهارة التي يمنحها الفجر للطبيعة .
- جاثية : توحي بخشوع النفس متأثرة بالفجر .
- الزاخرة : توحي بالكثرة .
- ترمق : توحي بطول النظر مما يؤكد شدة الجمال .
- يشتهي : توحي بشدة الرغبة في هجوع النفس .
- الصداح : توحي بعذوبة الصوت وإطرابه وجماله .
- الياسمين : توحي بالجمال والبهجة .
- يسكب : توحي بالكثرة والتنوع .
- نارًا ، تلتظي : توحي بالعذاب والألم والحرقة .
- حزنًا وشوقًا : العطف لتنوع أسباب الألم والعذاب .
- إيه : توحي بالرغبة في الاستزادة .
- خلاقة : توحي بالقدرة الإلهية وإبداعها .
- بديع : توحي بتفرد الله في خلقه .
- وقعتك : توحي بعظمة النفس وعظمة قدرة الله .
- كرر الشاعر الكلمات (البحر ، الريح ، الفجر ، الشمس ، البلبل) ؛ ليبرز قوة العلاقة بين النفس والطبيعة ، ويظهر مذهبه القائل بوحدة الوجود .
نوّع الشاعر بين الخبر والإنشاء ؛ لجذب الانتباه ، ودفع الملل والسأم ، والإقناع بالفكرة .
دور الخيال في النص : لعب الخيال (الصور) دوره ؛ حيث أسهم في إبراز الفكر والشعور وإظهار حالة القلق والحيرة عند الشاعر ، والصور التي ذكرناها تثبت ذلك .
الوحدة العضوية : تحققت في النص ؛ فالموضوع واحد وهو البحث عن حقيقة النفس ، والعاطفة واحدة وهي الحيرة الشديدة والرغبة في معرفة حقيقة النفس، والأفكار مترابطة ومسلسلة .
ما يؤخذ على الشاعر :
- استخدام أداة الاستفهام (من) في العنوان (من أنت يا نفسي) والصواب أن يقول (ما أنت يا نفسي ؟) لأنه يسأل عن غير عاقل وهو حقيقة نفسه وكُنْهُهَا .
- استخدام (هل) مع (أم) في قوله (هل من البرق أم مع الرعد ؟ ) والصواب استخدام الهمزة ، فيقول : (أمِنَ البرق ... أم مع الرعد ؟) لأنَّ (هل) لا تأتي مع (أم) .
- عندما قال (إنْ سمعت الرعد) قبل (أو رأيت البرق) لأن البرق يُرَى أولًا ؛ لأنّ الضوْءَ أسرع من الصوت .
- كتاب الأضواء يرى أن الشاعر أخطأ في كلمة (صاغية) والصواب (مصغية) .. وهذا رأي فيه نظر .
تعليق على النص :
المدرسة الأدبية : المُهاجَر .
التجربة الشعرية : ذاتية شخصية ، يتساءل فيها الشاعر متحيرًا حول حقيقة نفسه ، وهي تجربة من قبيل التأمل الذي يدنو من الفلسفة ، أو يقف على حافتها .
العاطفة : الحيْرة والقلق ؛ يؤكد ذلك كثرة الاستفهام .
الغرض الشعري : الدعوة إلى التأمل في النفس والكون ، وهو من الشعر الفلسفي التأملي الذي يهتم بالبحث عن أسرار الكون والإنسان .. وهو لون برع فيه أدباء المهاجَر بصفة عامة ، ولم يكن هذا اللون موجودًا لدى شعراء العرب وقت إبداع هذه القصيدة .
عنوان القصيدة : جاء بأسلوب الاستفهام الذي يثير الانتباه ، ويدعو إلى ترقب الجواب ، وهذا الاستفهام يحمل معنى الحَيْرة ؛ حيرة الشاعر إزاء قضية من قضايا الوجود الإنساني التي تؤرق فكره وشعوره ، وهي قضية تدور حول حقيقة (نفسه) كما يدل على ذلك تعبيره (من أنتِ يا نفسي ؟) ، إلا أنها بالطبع تمتد لتشمل النفس الإنسانية بعامة ، والتي تعد نفس الشاعر فردًا من أفرادها .
القضية التي شغلت الشاعر في النص : قضية الوجود الإنساني بصفة عامة ، وحقيقة النفس خاصة .
القصيدة مثال واضح على منطقية التصميم وإحكام التشكيل ؛ فقد توزّع موقفُ الشاعر في حَيْرَتِه وبحثه عن الجواب على ستة عناصر من الطبيعة يرى نفسه تتجاوب مع كل منها بما يتفق مع طبيعته ، وتتفاعل معه وتتحد به على نحو يجعل من السؤال الذي يطرحه في خاتمة المقطع نهاية طبيعية ، وهذه العناصر هي : (البحر ، والرعد ، والبرق ، والريح ، والفجر ، والشمس ، والبلبل) ، وكل عنصر من هذه العناصر يشغل مقطعًا شعريًا مستقلًا في تكوينه ، لكنه متصل في الوقت نفسه ببقية المقاطع اتصالًا ينبع من تجانس أجزاء الموقف ووحدة التشكيل الشعري ، وهكذا تبدو تلك المقاطع أشبه بموجات متوالية على مستوى واحد من القوة ، تتلاحق ولا تداخل ، ويُعزز بعضها بعضًا حتى تنتهي إلى مصبٍ واحدٍ ، وهو المقطع السابع ، وكأنّ المقاطع الستة أشبه بخيوط نثرها الشاعر ، ثم عاد ليجمعها ويمسك بأطرافها في المقطع السابع والأخير .
البناء اللغوي للنص : يرتكز في أول ستة مقاطع على :
1. يبدأ كل مقطع بأسلوب الشرط وأداته (إنْ) وجزؤه الأول فعلان متعاطفان هما (رأيتِ) و(سمعتِ) يترددان معًا ، وهو الأغلب ، أو يقتصر على أحدهما ، وهو قليل .
2. ينتهي كل مقطع بأسلوب الاستفهام ، وأداته واحدة وهي (هل) : (هل من الأمواج جئت ؟) ، (هل من البرق انفصلت ؟) ، (هل من الريح ولدت ؟) ، (هل من الفجر انبثقتِ ؟) (هل من الشمس هبطت ؟) ، (هل من الألحان أنت ؟)
رغم أن موضوع النص يدنو من الفلسفة إلا أن الشاعر استطاع أن يحفظ لعمله طبيعته الشعرية ؛ حيث نجح في تقديم الصورة الأساسية في كل مقطع تقديمًا حسيًا يحرك الوجدان ويستثيره ، كما استخدم عنصر الموسيقى الشعرية ؛ من خلال الوزن وتنوع القافية .
السياق النقدي التاريخي للقصيدة : نظمها الشاعر عام 1917م ، في تلك الفترة التي ترددت فيها أصوات الدعاة من النقاد والشعراء العرب إلى التجديد في الشعر ، ومعنى ذلك أن القصيدة تحمل ملامح التجديد أو بعضًا منه على الأقل ، وذلك واضح في مضمونها وشكلها على السواء ؛ فمن حيث المضمون تنزع القصيدة إلى التأمل والبحث عن أسرار الكون والإنسان ، وهو لون من التجارب لم يكن شائعًا بين الشعراء العرب في ذلك الحين ، ومن حيث القالب جاءت القصيدة على النسق المقطعي ؛ حيث تتألف من سبعة مقاطع ، إلا أن المقاطع الستة الأولى تتماثل في عدد الأبيات ، فكل منها يتكون من ستة أبيات ، تتساوى الأربعة الأولى منها في عدد تفعيلاتها ، على حين يكون لكل بيتين متواليين قافية واحدة ؛ فالبيت الأول والثاني بقافية ، والثالث والرابع بقافية أخرى ، ومع تساوي الخامس والسادس في طولهما فإنهما لا يتحدان في القافية دائمًا ، إن كان البيت السادس موحد القافية في المقاطع الستة ، أما المقطع السابع فهو يتكون من خمسة أبيات فحسب .
ومع ما يبدو من التزام الشاعر بوزن واحد فإن هذا الالتزام لم يكن تامًا ؛ فقد تحرر منه إلى حد ما ، وأحدث شيئًا من التغيير في التفعيلة الأخيرة في بعض الأبيات .
في المقطع الأول تتواصل النفس مع البحر في عنفه وضعفه ؛ فهي تتواصل معه حين يطغى موجه ويثور ، وكذلك حين يبكي البحر منكسرًا عند أقدام الصخور ، وحين يحبس الموج هديره ، فتناجي البحر إلى أن يسمع البحر زفيره راجعًا إليه منها ، مما يدل على الامتزاج بين النفس والبحر ووحدة مصدرهما .
تناجي النفسُ البحرَ في المقطع الأول ؛ لأنها تحن إليه ؛ فمصدرهما واحد ، ولهذا اتصلت به واندمجت فيه وتردد الزفير بينهما ، حتى سمع البحر زفيره راجعًا إليه منها .
في المقطع الثاني تتأثر النفس بالبرق والرعد ؛ فحين تسمع الرعد يدوي بين الغمام وحين ترى البرق وقد أصبح وميضه كالسيف يمرق في جسم الليل المظلم فيمزقه ويتركه أشلاء متناثرة ، تخطف النفس من البرق لظاه ، ويكف الرعد لكنه يترك صداه في النفس .
تبدو دقة الشاعر في اختيار الفعل (انفصلت) مع (البرق) لأن البرق يومض ويلمع ، واختيار الفعل (انحدرتِ) مع (الرعد) لأن الرعد صوت يأتي من أعلى السماء .
في المقطع الثالث تُصغي النفس إلى حركة الريح ، وحين يناديها الشاعر تبتعد عنه ولا يراها ؛ لأنها ذابت مع الريح واتحدت به .
رسم الشاعر للريح حالتين ؛ حيث تهب هبوبًا عنيفًا على قمم الجبال وبين التلال ، فتعصف في الحالة الأولى بما تجمّد من ثلوج فوق القمم ، وتحيلها ذرات طائرة في الفضاء ، وتبدو محاصرة في الحالة الثانية ، فيبدو صوتها مخيفًا كعواء الذئاب .
تبدو دقة الشاعر في اختيار الفعل (تُذْري) لأنَّ الريح تبعثر الثلج وتطيره من قمم الجبال ، واختيار الفعل (تعوي) لأن حركة الريح بين التلال تحدث صوتًا مخيفًا كالعواء .
للفجر آثاره على الكون والنفس ؛ فهو يتجسد في صورة إنسان يختلس الخطا بين النجوم ، ويخلع على رداء الليل الحالك وشي أنواره ، وفي هذه اللحظة تبتهل النفس فيصعد ابتهالها إلى الفجر ، وتخر النفس بخشوع جاثية كأنها نبي هبط عليه الوحي ، وكأنها انبثقت من الفجر .
في المقطع الرابع تأتي طائفة من المفردات اللغوية تتآزر معًا بما لها من إيحاءات في خلق هالة من الرُوحانية تتسق بها أطراف الصورة ، ويشيع بها جو من العبق الديني ، وتلك المفردات هي (الابتهال ، النبي ، الوحي ، الخشوع) ، والذي يخص النفس في هذه الصورة الخشوع والابتهال ؛ فلحظة انبثاق الفجر تمثل فرصة للانعتاق من أسر المادة الأرضية ، وبلوغ مرحلة الصفاء والنورانية ، والدنو من الروح الأعلى .
تعمّد الشاعر أن يأتي بلحظة انبثاق الفجر ؛ لأنها فرصة للانعتاق من أسر المادة الأرضية ، وبلوغ مرحلة الصفاء والنورانية ، والدنو من الروح الأعلى .
في المقطع الخامس تهجع الشمس بعد أن رمقت الأرض بسحر نظراتها وقد ترامت في أحضان المياه الزاخرة ، ثم تهجع الشمس ، وتنام الأرض ، ولكن النفس لا تسكن ولا تهجع بل تظل معلقة بمغرب الشمس ؛ لشعورها بوحدة مصدرهما ؛ فكلاهما فيض من إله .
تجاوبت نفس الشاعر في المقطع السادس مع الألحان والأنغام التي يرمز إليها جميعًا بالبلبل الصداح المغرد بين الياسمين ، فيُطربُ ويُشجي ، ويثير في النفس حنينًا وشوقًا إلى ماضيها البعيد .
خصَّ الشاعر (الياسمين) دون غيره لأن المحبين يتهادون به ؛ فهو رمز المحبة النقية الصافية .
يعد المقطع السابع مصب القصيدة ؛ ففي هذا المقطع تتلاقى عناصر الطبيعة التي ذكرها الشاعر في المقاطع السابقة وتصب فيه ، كأنها موجات متوالية على مستوى واحد من القوة ، تتلاحق ولا تتداخل ، ويعزز بعضها بعضًا ،  وبهذا يهتدي الشاعر في هذا المقطع إلى حقيقة النفس ، ويؤمن أنها عطاء من الله .
يؤدي المقطع السابع في القصيدة دور لحظة التنوير في القصة القصيرة  ، فكما أنّ لحظة التنوير في القصة القصيرة تتكشف فيها الأمور ، وتخف فيها حدة الصراع ، فكذلك الأمر في هذا المقطع ؛ حيث يصل الشاعر إلى حقيقة نفسه ،  فيلتفت إليها مخاطبًا إياها بصيغة تفيد معنى الأمر لها بالاستزادة ، وكأنما يقول لها : هاتي ما لديك ! فقد اكتشفت السر ، وعثرت على الجواب ، فأنت – ومثلك كل نفس إنسانية – نفثة بديع ، أنت الريح والنسيم ، أنت الموج والبحر ، أنت البرق والرعد ، أنت الليل والفجر ، أنت كل ذلك ؛ لأنك فيض الإله الذي فاضت عنه الحياة في سائر مظاهرها وأشكالها .
أكثر الشاعر من التشبيهات في المقطع السابع ؛ كل هذا ليؤكد على وَحدة الوجود التي تربط بين عناصر الكون الذي أبدعه الله ، وليوضِّح أن نفسه جزء من هذه الطبيعة بجميع عناصرها .
كان الشاعر حريصًا على أن يعرف حقيقة نفسه ؛ لأن ذلك يحقق له السعادة التي يرجوها ، كما يعرف الله حق المعرفة ؛ فتستقر نفسه ، وتشعر بالسلام والراحة .
حرص الشاعر خلال رحلة البحث عن حقيقة النفس على ذكر عناصر الطبيعة ؛ ليؤكد على وَحدة الوجود التي تربط بين عناصر الكون الذي أبدعه الله ، وليوضح أن نفسه جزء من هذه الطبيعة بجميع عناصرها .
الحيرة أمام أسرار الكون وحقيقة النفس قاسم مشترك بين شعراء المهاجر ، أو بين عدد منهم على الأقل ، ولكن حيرة (ميخائيل نُعيمة) قد انقشعت وزالت ، وسكنت نفسه ، وقرّ قرارها ، وذلك حينما علم أن نفسه فيض من الله - سبحانه .
سكنت نفس الشاعر وزالت حَيْرتُه ؛ حينما علم أن نفسه فيض من الله جل جلاله ، وقد جاء هذا بعد رحلة من الحيرة بين عناصر الطبيعة من بحر وبرق ورعد وريح وليل وفجر ، يفتش فيها عن حقيقة نفسه وماهيتها .
ختم الشاعر كل مقطوعة باستفهام ؛ لإظهار الحيرة ، وإثارة الانتباه ، ودعوة القارئ إلى ترقب الجواب .
تتابُع استفهامات الشاعر في القصيدة يحمل معنى الحيرة الشديدة ، حيرة الشاعر إزاء قضية من قضايا الوجود الإنساني التي تؤرق فكره وشعوره وهي قضية تدور حول حقيقة نفسه كما يدل على ذلك تعبيره إلا أنها بالطبع تمتد لتشمل النفس الإنسانية بصفة عامة التي تعد نفس الشاعر فرداً من أفرادها .
اعتمد الشاعر على أسلوب الشرط للتوكيد ، وجاء جواب الشرط (ترقبي) في المقطع الأول ، (ترصدي) في المقطع الثاني ، (تسكن) في المقطع الثالث ، (يسمع) في المقطع الرابع ، (تهجع) في المقطع الخامس ، (تلتظي) في المقطع السادس .. وكل منها نتيجة لما قبله .
الفِكَر في القصيدة كثيرة ، وفيها شيء من الغموض ؛ ولهذا فهي تحتاج إلى التأمل والتفكير لمعرفة هدف الشاعر منها .
سمات أسلوب الشاعر :
- عمق الفكر ، وميله إلى التحليل والتفصيل .
- قوة الخيال ن وقدرته على التعبير .
- جودة التعبير بعبارات سهلة قريبة من لغة الناس .

ملامح شخصية الشاعر :
- مثقف ، واسع الثقافة .
- عميق الفكر ، يميل إلى التأمل .
- حريص على خدمة الإنسانية بفكره .
ملامح القديم في النص :
- التزام الوزن غالبًا في أكثر المقاطع .
- اتحاد القافية في بعض المقاطع .
- التأثر ببعض الصور القديمة .
- استخدام كلمات من التراث مثل (الرسوم) .
ملامح التجديد في النص :
- الموضوع جديد ؛ فهو من شعر التأمل .
- اختيار عنوان تدور حوله الفكر .
- رسم الصور الكلية .
- تشخيص عناصر الطبيعة .
- تحقيق الوحدة العضوية .
- تقسيم القصيدة إلى مقاطع  .
- تنوع القوافي .
- القافية المزدوجة .
اعتمد الشاعر على الموسيقى الهادئة التي خرجت عن مألوف القصيدة العربية ؛ ، فلم يلتزم الشاعر بوزن واحد ، وإنما تحرر منه إلى حد ما ، وأحدث شيئًا من التغيير في التفعيلة الأخيرة في بعض الأبيات ، كما أن القافية لم تكن موحدة إلا في البيت السادس في المقاطع الستة الأولى ، فيما عدا ذلك فلكل بيتين متواليين قافية واحدة  ؛ فالبيت الأول والثاني بقافية ، والثالث والرابع بقافية أخرى ، ومع تساوي الخامس والسادس في طولهما فإنهما لا يتحدان في القافية دائمًا .
مصادر الموسيقى في النص :
- الخارجية : نبعت من الوزن والقافية ، والجناس الناقص ، وحسن التقسيم .
- الداخلية : نبعت من جودة الألفاظ وحسن انتقائها ، ومن روعة الصور ، والتنويع فيها بين الصور الجزئية والصور الكلية .


سمات مدرسة المُهاجَر في القصيدة :
♣♣ من حيث الموضوع :
- تَحَقُّقُ كثير من سمات الرومانتيكية .
- التحليق مع العاطفة ، عدم الإغراق في الذهنية .
- النزوع إلى استبطان النفس الإنسانية ؛ حيت تأمل الشاعر نفسه ، وبحث عن حقيقتها .
- الاتجاه إلى الطبيعة والامتزاج بها .
♣♣ من حيث الفن الشعري :
- المغالاة في التجديد والبعد عن أصول العربية ؛ كما يبدو ذلك من سؤاله في عنوان القصيدة بأداة العاقل (من) رغم أن السؤال لغير العاقل ، ومن استخدامه (هل) مع (أم) بدلًا من (همزة الاستفهام) ، ومن استخدامه كلمة (صاغية) بدلًا من (مصغية) .
- الميل إلى الرمز ؛ حيث رمز بعناصر الطبيعة التي ذكرها إلى وحدة الوجود ، كما استخدم (البلبل) رمزًا للألحان والأنغام .
- التمسك بالوحدة الفنية .
- الاهتمام بالصورة الشعرية (الصور الكلية) .
- التصرف في الأوزان والقوافي .
- الميل إلى اللغة الحية والكلمة المعبرة وسلاسة الأسلوب




تعليقات